-
الأزمة الإسبانية وانتخابات 26 يونيو
أحمد نورالدين
تعيش جارتنا الشمالية أزمة سياسية عميقة تخفي وراءها تحولات غير مسبوقة في المجتمع الإسباني، من أبرز ملامحها التخلي عن نمط الثنائية القطبية بين الحزبين العريقين الشعبي والاشتراكي نحو تشتّت في الحقل السياسي، وبروزٍلأقطاب أخرى من العدم كما هو الحال بالنسبة لحزب «بوديموس» الذي يعني حرفياً «نستطيع». وكان هذا الأخير قد انبثق عن حركة عفوية في الشارع الإسباني تحمل نفس الاسم، كردّ فعل أو استجابة لما كان يعيشه الشارع العربي من ثورات سُمّيت فيما بعد بالربيع.«التغيير» هو المفعول المستتر في اسم هذه الحركة، وتقديره نستطيع التغيير!وبالنظر إلى الانتخابات السابقة التي جرت في العشرين من ديسمبر الماضي، بإمكاننا أن نقول عن الشباب الذي خرج إلى ساحات مدريد وبرشلونة وبقية المدن الإيبيرية أنهم فعلاً «استطاعوا» إحداث رجّة في الحقل السياسي، قد تكون لها هزّات ارتدادية على النظام السياسي برُمّته. فالنتائج التي حصل عليها «بوديموس» جعلت منه ثالث قوة سياسية في مملكة «فليب السادس» على حين غفلة من القوتين التقليديتين.
يمكن للمتخصصين في الشأن الإيبيري أن يعطوا تفسيرات عِدّة لما حدث، بدءاً بتداعيات الأزمة المالية على الأوضاع الاجتماعية للفئات الهشة، والتي مازالت تعاني منها دول القارة العجوز خاصة الجنوبية منها مثل إسبانيا واليونان، ومروراً بالأزمة الأخلاقية ارتباطاً بحادثة «قتل الفيل» التي اضطرت الملك خوان كارلوس إلى التنازل عن العرش،وجَرْجَرَة أختِ الملك الحالي أمام المحاكم في قضيّة فساد مالي،ثم آخراً وليس أخيراً الأزمة السياسية التي صاحبت الفضائح المالية في الحزبين العتيدين.
كل هذه التأويلات قد تجد لها مسوغاً في الحياة السياسية والاقتصادية، إلا أنّ أياً منها لا يكفي لوحده لتفسير ما يجري لدى جيراننا. فبالإضافة إلى ما سبق لا يمكن القفز على المخاض العسير الذي تعيشه أوربا والذي قد يهدد تجربة «الاتحاد» في وجودها، إذا صوّت البريطانيون في 23 من يونيو الجاري بالخروج منه. بل إنّ مجرّد طرح هكذا فرضيّة، من شأنه أن يدخل الوهن إلى جسمٍ يصارع من أجل البقاء، بعد التجربة المريرة التي مرّ منها بسبب الضائقة المالية التي كادت تُفضي إلى سابقة في الاقتصاد السياسي، ألا وهي إعلان إفلاس «دولة» اليونان.
إلى ذلك لا مناص من التذكير بأنّ النظام السياسي الإسباني لم يَجْتز بعدُ امتحان «الانفصال» الذي يتربص بعدة أقاليم وعلى رأسها «كتالونيا»، والذي لم يَنجُ منه إلاّ بإلغاء المحكمة الدستورية الإسبانية في ديسمبر الماضي، قرار البرلمان الكتالوني إجراء استفتاء باستقلال هذا الإقليم عام 2017. فهل استنفذ النموذج السياسي الإسباني طاقته بعد مرور أربع وثلاثين سنة على أول تجربة ديمقراطية عرفتها جارتنا الشمالية،قادها الاشتراكي فيليب غونزاليس سنة 1982؟ أم أننا أمام سحابة صيفٍ سُرعان ما ستنقشع؟ وحدها الانتخابات التشريعية في 26 من يونيو الجاري، كفيلة بأن تجيب عن بعض هذه التساؤلات وليس كلها..
18 junio، 2016 / mdm24press / Comentarios desactivados en الأزمة الإسبانية وانتخابات 26 يونيو
Categories: آخر الأخبار, أخبار دولية, الرأي, السياسة
موراتا يقود إسبانيا إلى ثمن نهائي اليورو الأمن الإسباني يعتقل مغربيا هدّد بـ»قتل المسيحيين»
Recent Posts
- قنصل ” تاراغونا” تسلم العلم الوطني لقيادة الحرس المدني
- الرئيس الجزائري يجعل من الكراهية اتجاه المغرب “محددا أساسيا” لهويته ونهجه السياسي
- الوداد يهزم الرجاء في الديربي
- بعد تنامي ظاهرة سلب الأطفال… قنصلية برشلونة تحتضن يوما تحسيسيا
- “وسيط المملكة”: 482 تظلم من مغاربة الخارج
- المؤسسات المنتخبة بالصحراء تسقط عن «البوليساريو» أكذوبة «التمثيلية»
- إغلاق جميع المنافذ أمام البوليساريو
- البرلمان الأوروبي يرفع الحصانة عن الانفصالي بوتشيمون
- الجزائر ..الاستماع لوزير النقل الأسبق في قضية فساد
- السينغال..دعوة أفراد الجالية المغربية للهدوء وتوخي الحذر
Comments are currently closed.