-
في مواجهة زكام الخريف.
بديعة الراضي .المغرب
يبدو أن رمطان لعمامرة وزير خارجية الجزائر لم يستعب جيدا الحدثين الهامين المتعلقين بقمة الرياض ، وتداعيات الخطاب الملكي ،والدعم القوي الذي أبدته دول الخليج لوحدة التراب المغربي ، وتقرير بان كيمون كنقطة تحول كبرى في سير ملف قضية المغاربة الأولى، بالإشارة القوية الى ضرورة إحصاء «ساكنة تندوف» على التراب الجزائري، وهي تندوف التي تعاني اليوم من انفلات أمني خطير، بسبب انتشار تجار السلاح والمخدرات والارهاب، وتلك هي نقطة السواد الكبرى في منطقة الساحل والصحراءـ التي تصفع اليوم تجار الربيع العربي، بسوط الخريف، الذي يواجه منظرو المؤامرة، وتجار الدماء، متهكما، بالقول: «اللي حفر حفرة يطيح فيها» .
لعمامرة ،المحزم بلغة الحرب الباردة ، اختلطت عليه لغة الضباب ، حتى اعتقد أن الطريق الى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا غير أبوابه ، اتجاه مواقع قرار أخرى من العالم، ولم يبق من الأمل للعمامرة وزير خارجية الجارة الشقيقة، إلا مستعمر الجزائر بالأمس في الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط ، ليدعوه الى تحالف ضد المغرب داعيا » فرنسا أن تلعب دورها لإيجاد حل للقضية التي عمرت أزيد من 40 سنة»، وتأكيده» أن الحل لن يكون سوى تقرير المصير، باعتبار القضية الصحراوية قضية تصفية استعمار», هو مشهد يؤشر بالفعل عن موقف معزول ، لم تنفعه كل الجولات الماراطونية التي يقوم بها قيادة البوليساريو بإيعاز من جنيرالات الجزائر لضرب المبادرة المغربية،المتعلقة بالحكم الذاتي، في إطار جهوية موسعة تعتمد التنمية والديمقراطية وسيادة الدولة المغربية على كافة أراضيها.
لكن لعمامرة يعرف أن الكفة لم تعد لصالح من اعتادوا المتاجرة بآلام إخواننا في تندوف وأن «رائحة الطنجرة عطات» بعدما كشفت تقارير دولية عن تحويل ملايين الدولارات من المساعدات الإنسانية لتندوف، الى جيوب وحسابات معرقلي الحلول ، في قضية عمرت بالفعل مدة تزيد عن أربعين سنة ، لكنها المدة التي حولت تجارها إلى أصحاب قصور بحسابات منتفخة بالعملة الصعبة في لندن وباريس وجنيف والسويد، ومدريد، والأرجنتين والبرازيل ,,إلخ …تلك التي يحول فتاتها إلى بعض ممتهني الخدمات في المجتمع المدني في الضفة الأخرى ، ومن هؤلاء من أدخل اللعبة الى قبة البرلمان الأوربي، بعدما استسهلوا كل ذلك العبث الذي ضيع العقول حتى ظنت أنه من الطبيعي جدا أن تطأ مرات فوق رؤوس تنحني، لاعتقادها أن الآتي من الشمال رياح قوية، في الوقت الذي ترد رياح الجنوب البعوض والجراد وكل حشرات المواسم ، حتى اختلط الحابل بالنابل، ليتحول البشر الى مجرد ركام، من » ذباب العسل»، ليؤخذ العسل ويقتل الذباب.
لهذا على لعمامرة -والدائرين في فلكه من مسوقي الانفصال في زمن ضرورة الوحدة- لمواجهة كافة مؤامرات الباحثين عن العسل الأسود- أن يعرف أن المغرب منسجم مع قناعاته وتطلعاته واستراتيجياته واختياراته، الوطنية و الإقليمية والجهوية والدولية، وأن الوصول الى سقف الحكم الذاتي، لم يكن تنازلا من المغرب عن أرضه، بل هو جزء من تفكير عميق في تنمية المغرب ودمقرطته، من منطلق الإيمان بالتعدد الثقافي ، وهو تعدد الوحدة في الوطن ، ذلك الذي يملك ركائزه الكبرى و تواثبه ، كدولة قائمة بالتاريخ و بالحضارة والفكر، وبالبناء المؤسساتي الذي نأخذ معركته اليوم ، كما خاضها المغاربة ضد الاستعمار الفعلي الذي يتوجه اليوم لعمامرة ،الى بقاياه –باستراتيجية رديئة في السياسة والفكر- ، ضد المغرب الذي كان له الفضل في طرد الاستعمار من الجزائر، وقدم الشهداء من أجل أن لا تدنس أقدام الشر تراب البلد الجار الشقيق.
وهي الإستراتيجية، التي تبين أن بوتفليقة «مايبدل خوه غير بكرف منو» ، في إشارة الى أنه عشية تعيين لعمامرة وزيرا للخارجية ، بدل مراد مدلسي، اعتقد المراقبون أن الرئيس كان تواقا إلى إعطاء دفعة مغايرة للدبلوماسية الجزائرية ، لكن الذي حصل أن لعمامرة سار على خطى سابقيه في الدفاع عن «كعكعة الجنرالات»، التي بدأت تحطم على صخرة الحقيقة، في كون الصحراء المغربية قضية مصير المغاربة ، وأن حلها يحتاج الى رفع اليد عليها ، وهي اليد التي وفرت كافة إمكانياتها من أجل إقامة دولة قزمية من «خيمة ومعزة» لتمارس فيها الفوضى بما تحمله الكلمة التي لا تحتاج لا الى الخلاقة ولا الى المميتة أو عديمة.
كما لا يحتاج الأمر الى تفكير عميق وبعد نظر عندما نسمع لعمامرة يدافع بقوة عن الحدود المغلقة لممارسة القهر على شعبين يجمعهم –إضافة الى المشترك الممكن بين الشقيقين- النسب والقرابة والعائلة الواحدة ، في الوقت الذي يدعو فيه الى تحرير شعب اختارت الجزائر العسكرية أن تحتجزه مرة بالفعل والقوة ومرة بصناعة الوهم في عقول أطفالنا الذين «استثمروا في أطروحة الانفصال «، ليسجل التاريخ هذا الجرم الذي أغدقت عليه ملايين الدولارات من أرزاق شعبنا الجزائري الطيب.
لهذا نقول للعمامرة لا داعي للإستنجاذ بفرنسا في قضية خاسرة، فهؤلاء أبناؤنا وبناتنا ونحن عاقدون العزم أن ندافع عنهم ضد تجار البشر وضد تجار المخدرات وضد الإرهاب وصناع الوهم والفتن ، ولنا في ذلك النفس الطويل، فقط افتحوا الباب للمجتمع الدولي كي يعرف كم هم ساكنة تندوف، من أجل معرفة الحقيقة كاملة دون زيادة أو نقصان. لأنه يهمنا تندوف الإنسان كذلك، أما التراب فلا تنازل عنه، فتلك قضيتنا ومصيرنا.24 abril، 2016 / mdm24press / Comentarios desactivados en في مواجهة زكام الخريف.
Categories: آخر الأخبار, أخبار دولية, اخبار الوطن, الرأي, السياسة
أطر وكفاءات بالمهجر,محمد العمراني. ضرورة إشراك الجالية المغربية في تدبير الحياة السياسية
Recent Posts
- قنصل ” تاراغونا” تسلم العلم الوطني لقيادة الحرس المدني
- الرئيس الجزائري يجعل من الكراهية اتجاه المغرب “محددا أساسيا” لهويته ونهجه السياسي
- الوداد يهزم الرجاء في الديربي
- بعد تنامي ظاهرة سلب الأطفال… قنصلية برشلونة تحتضن يوما تحسيسيا
- “وسيط المملكة”: 482 تظلم من مغاربة الخارج
- المؤسسات المنتخبة بالصحراء تسقط عن «البوليساريو» أكذوبة «التمثيلية»
- إغلاق جميع المنافذ أمام البوليساريو
- البرلمان الأوروبي يرفع الحصانة عن الانفصالي بوتشيمون
- الجزائر ..الاستماع لوزير النقل الأسبق في قضية فساد
- السينغال..دعوة أفراد الجالية المغربية للهدوء وتوخي الحذر
Comments are currently closed.